المطلب الأول من معايير بازل 1 و 2
نشأة وتطور لجنة بازل
يعتقد البعض أن الاهتمام بموضوع كفاية رأس
المال يعود إلى أزمة الديون العالمية في بداية الثمانينات من القرن الماضي ،حيث
يعتبره السبب الحقيقي و الوحيد لصدور مقررات بازل المعروفة باسم بازل 1 و الواقع أن
الاهتمام بكفاية رأس المال يعود إلى فترة طويلة قبل ذلك ، ففي منتصف القرن التاسع
عشر ،صدر قانون لبنوك الولايات المتحدة الأمريكية يحدد الحد الأدنى لرأس مال كل
بنك وفقا لعدد السكان في المنطقة التي يعمل فيها. و في منتصف القرن العشرين زاد
اهتمام السلطات الرقابية عن طريق وضع نسب مالية تقليدية مثل حجم الودائع إلى رأس
المال و حجم رأس المال إلى إجمالي الأصول ،و لكن هذه الطرق فشلت في إثبات جدواها
خاصة في ظل اتجاه البنوك نحو زيادة عملياتها الخارجية ، و على وجه التحديد البنوك
الأمريكية و اليابانية .
تعتبر الفترة من 1974 إلى 1980 فترة مخاض
حقيقي للتفكير العلمي في إيجاد صيغة عالمية لكفاية رأس المال ، فما حدث من انهيار
لبعض البنوك خلال هذه السنوات اظهر مخاطر جديدة لم تكن معروفة في السابق ( مثل
مخاطر التسوية و مخاطر الإحلال) بل و عمق المخاطر الائتمانية بشكل غير مسبوق و هو
ما اثبت بأن البنوك الأمريكية الكبيرة ليست بمنأى عن خطر الإفلاس و الانهيار، ففي
جويلية 1974 أعلنت السلطات
الألمانية إغلاق " هيرث ستات بنك" و الذي كانت له معاملات ضخمة في سوق
الصرف الأجنبية و سوق ما بين البنوك مما تسبب في خسائر بالغة للبنوك الأمريكية و
الأوربية المتعاملة معه ،و في نفس السنة أفلس " فرانكيل ناشيونال بنك "
و هو من البنوك الأمريكية الكبيرة ثم تبعه بعد عدة سنوات " فرست بنسلفانيا
بنك " بأصوله التي بلغت حوالي 8 بلايين دولار، مما دفع بالسلطات للتدخل لإنقاذه بعد أن
بلغت مشكلة عدم توافق آجال الاستحقاق بين أصوله و خصومه و ثبات سعر الفائدة على
قروضه مداها ، خاصة مع الارتفاع الشديد في أسعار الفائدة على الدولار عام 1980 و التي بلغت 20 % .
و في ظل هذه المعطيات بدأ التفكير في البحث عن آليات
لمواجهة تلك المخاطر ، و إيجاد فكر مشترك
بين البنوك المركزية في دول العالم المختلفة يقوم على التنسيق بين تلك السلطات
الرقابية للتقليل من المخاطر التي تتعرض لها البنوك ، و نتيجة لذلك تشكلت لجنة
بازل أو بازل للرقابة المصرفية من مجموعة الدول الصناعية العشر في نهاية 1974 تحت إشراف بنك
التسويات الدولية بمدينة بازل بسويسرا ،و ذلك في ضوء تفاقم أزمة المديونية
الخارجية للدول التي منحتها البنوك العالمية و تعثر هذه البنوك .
و الأهم أن لجنة بازل قد أقرت عام 1988 معيارا موحدا
لكفاية رأس المال ليكون ملزما لكافة البنوك العاملة في النشاط المصرفي كمعيار
دوليا أو عالميا للدلالة على مكانة المركز المالي للبنك و يقوي ثقة المودعين فيه
من منظور تعميق ملاءة البنك ، و أقرت اللجنة في هذا الصدد اتفاقية بازل التي
بمقتضاها أصبح يتعين على كافة البنوك العاملة أن تلتزم بأن تصل نسبة رأسمالها إلى
مجموع أصولها الخطرة بعد ترجيحها بأوزان المخاطرة الائتمانية إلى 8 % كحد أدنى ،
و قد كانت هذه التوصيات مبنية على مقترحات تقدم بها " بيتر
كوك " الذي أصبح بعد ذلك رئيسا لهذه الجنة ، لذلك سميت
تلك النسبة السابقة لكفاية رأس المال بنسبة"كوك" أو"بال" أو
كما يسميها الفرنسيون أيضا بمعدل الملاءة الأوربي RSE .